26 يوليو 2008

مرآة صادقة أم أداة للتضليل

مما لا شك فيه أن كل دولة في العالم تستخدم آليات حديثة وقديمة لتكوين الرأي العام وجعل الشعوب تسايرها مع سياساتها. كانت إثارة العصبیات العرقية و المذهبية عبر المحاضرات والخطب على المنابر من الآليات القديمة و قد أضيفت إليها اليوم وسائل الإعلام الحديثة بوصفها منابر جديدة. ليس تضليل الرأي العام أمرا مستحدثا حيث يضرب بجذوره في أعماق التاريخ غير أنه اليوم تغيرت أساليبه، والغريب أن بعض وسائل الإعلام لا تزعج نفسها بالبحث عن أنماط حديثة لنجاح أكثر في مجال تضليل الرأي العام بل تظل تتابع المناهج القديمة عبر الوسائل الحديثة. إن أي شخص له دراية بأسلوب الدعاية يعرف بسهولة بأن أغلب وسائل الإعلام الشرقي تلجا إلى أساليب تافهة بهدف التأثير على الرأي العام و قد أدى هذا السلوك الإعلامي الرخيص إلى تقلص مستوى الذوق العام لدى الشعوب بشكل لن تحمد عقباه.

في ضوء ما سبق نستطيع القول بأن الحرية أو على الأقل هامش الحرية الضروري لنجاح و ازدهار عمليات نشر المعرفة محكوم حاليا ببيئة تتسم بتقييد حرية الرأي و التعبير. هذا الهامش من الحرية تجابهه العديد من الصعوبات من حيث قلة الإمكانيات المتاحة للأفراد و التضييق على نشاطاتها. في ظل الحرية يتاح لكل فرقة الفرصة للتعبير عن آرائها، و في معترك التعامل و التضارب بين الآراء و الأخبار يمكن للمواطن الكشف عن الحقيقة إلى حد ما.

هناك صراع دائم بين الحرية و الأخلاق لابد من معالجته بشكل جاد من قبل المفكرين، لكن اليوم أصبح هذا الصراع ذريعة لتقييد الإعلام بحجة الحد من تشهير الوجهاء أو تفشي الأكاذيب وبالتالي التضييق التام على الإعلام و الصحف. وفي حالة احتكار الإعلام الرسمي لا تـُسمع إلا الأصوات التي تشید بها السلطات مع رفض توجيه أية ملاحظات أو نقد حتى في المجالات غير السياسية.

لا أستطيع القول بأن الآفاق المستقبلية آفاق متألقة و لكنني متأكد من أن الفكر سيجد طريقه إلى مستقبل باهر. وهذا الأمر سيكون بين يدي أفراد للمجتمع إذا أرادوا في شرائحهم التحتية و في باطنهم إحداث تغيير في الوضع الحالي و التقدم نحو الأفضل. ويلعب تنوير الرأي العام من قبل أصحاب الفكر دورا أساسيا في هذا المجال، وربما ننتبه إلى حقوقنا و إلى المركز الذي يجب أن نحتله في العالم. لابد من الخروج من تقوقعنا المفروض علينا والنظر إلى العالم من حولنا.

***