4 أغسطس 2008

المساواة


جورج اورويل:

«جميع الحيوانات متساوية ولكن بعضها أكثر مساواة من الآخرين.»


***

2 أغسطس 2008

اللاأخلاقية


ألكسندر وولكوت:

«كل الأمور التي أود حقا أن أفعلها هي إما غير أخلاقية أو غير قانونية أو تسمّن.»


***

26 يوليو 2008

مرآة صادقة أم أداة للتضليل

مما لا شك فيه أن كل دولة في العالم تستخدم آليات حديثة وقديمة لتكوين الرأي العام وجعل الشعوب تسايرها مع سياساتها. كانت إثارة العصبیات العرقية و المذهبية عبر المحاضرات والخطب على المنابر من الآليات القديمة و قد أضيفت إليها اليوم وسائل الإعلام الحديثة بوصفها منابر جديدة. ليس تضليل الرأي العام أمرا مستحدثا حيث يضرب بجذوره في أعماق التاريخ غير أنه اليوم تغيرت أساليبه، والغريب أن بعض وسائل الإعلام لا تزعج نفسها بالبحث عن أنماط حديثة لنجاح أكثر في مجال تضليل الرأي العام بل تظل تتابع المناهج القديمة عبر الوسائل الحديثة. إن أي شخص له دراية بأسلوب الدعاية يعرف بسهولة بأن أغلب وسائل الإعلام الشرقي تلجا إلى أساليب تافهة بهدف التأثير على الرأي العام و قد أدى هذا السلوك الإعلامي الرخيص إلى تقلص مستوى الذوق العام لدى الشعوب بشكل لن تحمد عقباه.

في ضوء ما سبق نستطيع القول بأن الحرية أو على الأقل هامش الحرية الضروري لنجاح و ازدهار عمليات نشر المعرفة محكوم حاليا ببيئة تتسم بتقييد حرية الرأي و التعبير. هذا الهامش من الحرية تجابهه العديد من الصعوبات من حيث قلة الإمكانيات المتاحة للأفراد و التضييق على نشاطاتها. في ظل الحرية يتاح لكل فرقة الفرصة للتعبير عن آرائها، و في معترك التعامل و التضارب بين الآراء و الأخبار يمكن للمواطن الكشف عن الحقيقة إلى حد ما.

هناك صراع دائم بين الحرية و الأخلاق لابد من معالجته بشكل جاد من قبل المفكرين، لكن اليوم أصبح هذا الصراع ذريعة لتقييد الإعلام بحجة الحد من تشهير الوجهاء أو تفشي الأكاذيب وبالتالي التضييق التام على الإعلام و الصحف. وفي حالة احتكار الإعلام الرسمي لا تـُسمع إلا الأصوات التي تشید بها السلطات مع رفض توجيه أية ملاحظات أو نقد حتى في المجالات غير السياسية.

لا أستطيع القول بأن الآفاق المستقبلية آفاق متألقة و لكنني متأكد من أن الفكر سيجد طريقه إلى مستقبل باهر. وهذا الأمر سيكون بين يدي أفراد للمجتمع إذا أرادوا في شرائحهم التحتية و في باطنهم إحداث تغيير في الوضع الحالي و التقدم نحو الأفضل. ويلعب تنوير الرأي العام من قبل أصحاب الفكر دورا أساسيا في هذا المجال، وربما ننتبه إلى حقوقنا و إلى المركز الذي يجب أن نحتله في العالم. لابد من الخروج من تقوقعنا المفروض علينا والنظر إلى العالم من حولنا.

***

14 يونيو 2008

شفرة دافينشي

كنت أفكر في نفسي ليتنا نتحدث أكثر عن ....

دعني أحكي لك القصة من البداية

كان عليّ كتابة تعبير عن أشهر لوحة فنية لدافينشي و بالطبع تعلمون أنها الموناليزا. عثرت على معلومات عنها في ويكيبديا و ألقيت المحاضرة في الصف لا أريد أن أكررها هنا ثانية.

لكني أثنا محاضرتي تذكرت شيئا...

نعم تذكرت فلم شفرة دافينشي قد تعرفه. يقول الفلم أن مريم المجدلية كانت زوجة المسيح سرا وأم ابنته. فجأة لفتت انتباهي نقطة مثيرة بعض الشيء. بغض النظر عن كون القصة صحيحة أو غير صحيحة يمكننا النظر إليها من جانب آخر.

ذكر اسم دافينشي و أعماله الفنية بأي عذر و ذريعة و في كل زمان يجعله حيا ولو بعد مضي أكثر من خمسمئة سنة.

أتذكر أنه في افتتاحية دورة الألعاب الأسيوية الدوحة 2006 شاهدت صورة ابن سينا على شاشة الملعب بوصفه عالم عربي دون ذكر كونه إيرانيا و استغربت كثيرا حينما قرأت مقالة في مجلة العربي حول ابن سينا و لم يشر الكاتب إلى أنه كان إيرانيا و ذكره كعالم عربي تماما.

لا أريد إلقاء اللائمة على أحد أبدا. حان وقته أن نحمل المسؤولية على أنفسنا قبل تحميلها للغير. إن نسيان الممتلكات الثقافية و القومية و الدينية و... يؤدي إلى الخضوع و الإستسلام لكل ثقافة أخرى و الحوار البناء يؤدي إلى ازدهار كل الثقافات.

كاد العالم أن ينسى جلالدين الرومي إذا لم تكن دعوة اليونسكو إلى اعتبار العام الماضي احتفالية عالمية بالذكرى الـ800 لميلاد جلال الدين الرومي.

من يدري لو لم يكن إهتمام الغربيين بتعريف عمالقتهم الفنانين ربما كان قد ادعي أحد أن الدافينشي مثلا من الأصل الإيراني. ربما كان اسمه «داريوش» و تحول إلى دافينشي بسبب صعوبة نطقه في اللغة الإيطالية!!!من يدري؟!! و كنا نقول له الآن نحن الإيرانيون "عمو داريوش"(عم داريوش)

يجب أن نفتح نافذة للحوار بيننا بعيدا عن كل انحياز و حكم مسبق و بعيدا عن كل اختلافات قومية و دينية و ....

أردت أن أقول في بداية المقال" ليتنا نتحدث أكثر عن كل شيء."


***

11 يونيو 2008

نزار قباني و الجلوكباب

الحقيقة لا أتذكر ما الذي حدث و أنا قررت الخوض في قضية الجلوكباب حينما قمت بترجمة مقالة جلوكباب على مرالتاريخ، لكني الآن و بكل صراحة أقول لم أكن أعرف أن الموضوع سيكون بهذا التفصيل.
قام أحمد الحيدري من إذاعة طهران العربية بالحديث إلى السيدة هدباء قباني ابنة الشاعر نزار قباني في مقابلة إذاعية اخترت منها مقتطفا والآن أدعك تقرأه:

أحمد الحيدري: .... سأنتقل الى موضوع آخر كنا قد ناقشناه وتحدثنا حوله قليلاً في بداية الحلقة، وهو انه (مشيرا إلى نزار قباني) كان يتقن الطبخ اضافة لذلك ذكرتي لي انه عندما يكون حزيناً او في حالة مرض تقولون له اننا سوف نذهب الى مطعم ايراني وسوف نأكل الطبخات الايرانية، نتحدث حول هذا الموضوع قليلاً.
هدباء قباني: اول شيء اريد ان اقول لك، انه كان لديه تعاطف كبير مع الشعب الايراني وفي مرة كنا في سفارة من السفارات في برلين اذكر، لإلقاء امسية شعرية، ونحن في السفارة وكان يحضرها الكثير من الاوروبيين والغربيين وغيرهم، تعرف عليه شخصاً ايرانيا كان يقرأ قصائده بالعربية ويقوم بترجمتها حتى وتقدم اليه وقال له انه يتشرف بمعرفته وانه شاعر عربي كبير ويقرأ قصائده واشعاره فاستغرب ابي بأنه في سفارة اجنبية ونحن كنا بانتظار الحصول على فيزا تقدم له شخص ايراني باسم دكتور علي رضا عندما تحدث هذا الشخص بلغة عربية جيدة جداً والدي اعتبره شخص عربي وتفاجأ جداً عندما اكتشف انه ايراني وكم الشعب الايراني معجب بقصائده عندها دمعت عين ابي فرحاً ووالدي كان يفرح كثيراً عندما يلمس انه وصل الى القلوب بأشعاره لهذا هو بسط الشعر لغوياً، وهوكان يحب الاكل الايراني كثيراً، وانا التي عرفته على الاكل ايراني لأني بقيت في لندن كثيراً وتعرفت في لندن على صديقات ايرانيات، وتعرفت على المطاعم الايرانية فيه، وبالفعل الاكل الايراني لذيذ كثيراً، وكانت متعتنا بأن نصطحب معنا والدنا الى تلك المطاعم عندما جاء الى لندن وهو كان يثق كثيراً بي وبذوقي وكنت صديقه له وعندما جاء الى لندن لكي اكسر عنه الغربة كنت آخذه الى محلات اعرف انها محببة الى نفسه، منها اخذته على مطعم ايراني، وهذه اضحت له كهدية في وقت الضيق والإنكفاء حيث نعرض عليه الاكل الايراني وتعلم منذ المرة الاولى اكل (جلوكباب) فكنا نعرض عليه اكله اخرى كان يرفضها ويتمسك بأكلة (جلوكباب).
أحمد الحيدري: وهذه الاكلة عبارة عن كباب مع الارز والارز مخلوط بالزعفران.
هدباء قباني: صح ومعه بيضة ايضاً يعني كان يسعد نفسه بالاشياء الصغيرة، والطيبة والحلوة وكان صاحب مذاق هو، وكان طباخ عظيم وهو الذي علمني الطبخ يعني عادتاً الام تعلم ابنتها الطبخ وانا ابي علمني الطبخ لأنه مثلما قلت لك كان الطبخ بالنسبة له فناً ونظاماً وانه يجب ان اتعلم هذا الشئ، وانا كنت اشتغل بالاشياء القديمة، بالأنتيك واجمعها كهاوية، فكان يقول لي ابي اذا تحبي الاشياء الجميلة، فيجب ان تحبي الطبخ لانه هو ينتج شيئاً جميلاً في الآخر، ولازم ان تتعاملي معه بحب فكل شيء تريدين التعامل معه لازم الواحد يعمل مهمته على اكمل وجه وبحب لانه لايمكن التعامل بالخداع....
***

9 يونيو 2008

جلوكباب على مرّ التاريخ

هذه المقالة نشرتها صحيفة «ابتكار» تحت عنوان «چلوكباب در گذر تاريخ»[1] قمت بترجمتها وأهديها إلى جميع هواة جلوكباب في أنحاء العالم.
و لابد لي أن أعبر عن فائق شكري وتقديري لصديقي الفاضل «جبرا غنيم» على مبادرته بالتدقيق اللغوي للمقالة المترجمة.

جلوكباب على مرّ التاريخ

يعتقد الكثير من علماء الإجتماع أن الأطعمة الشعبية للأقوام و الشعوب المختلفة و أسلوب طبخها و كذلك نوعية أكلها تمثل رمزا لحياتهم و بيانا لنمط تفكيرهم و تعتبر مؤشرا على تقاليدهم و آدابهم الثقافية و الإجتماعية. بعبارة أخرى إن الأكلات الشعبية و المحلية تعكس النسيج المهني والإقتصادي والثقافي لكل مجتمع. ولا شك أن جلوكباب إلى جانب آبكوشت يعدّ من أشهى الأطعمة الإيرانية و يحظى بشهرة عالمية. ولا تسعى هذه المقالة فقط للربط بين الجلوكباب و الثقافة الإيرانية الوطنية فحسب بل سنحاول التعرض للتركيبة الطبقية التي كانت سائدة في المجتمع الإيراني قبل 200 سنة والتي كان أحد حواصلها هو هذا الطبق الشهي، وبما أن ذلك المجتمع كان يعتمد على الزراعة و تربية الماشية فقد كان الجلوكباب نتيجة منطقية تجمع بين المحاصيل الرئيسة لذلك الزمان وهي القمح و الأرز و لحم الغنم و البقر و التي كانت المنتوجات الأكثر رواجا وقتذاك. و قام أهل ذلك الزمان بإعداد هذا الطعام بأسهل الطرق المتوفرة و هي طهو الرز و شواء اللحم على النار ليكون الكباب الغني بعبق بلاد فارس وتراثها العريق هو الناتج النهائي لهذه العملية البسيطة. ورغم أن اللحم المشوي يعتبر من أكثر الأطعمة شيوعا منذ القدم وحتى منذ عصر الإنسان البدائي إلا أن إنضاج اللحم بنمط خاص وشواءه على نار الفحم و مزجه بالتوابل و البهارات المتنوعة كالزعفران و السماق، إضافة إلى مزجه بالأرز و الزبدة و الطماطم و البصل بشكل غير مسبوق في العالم، كوّن مجموعة غذائية ناتجة عن إبتكار و ذكاء ومبدعة تتوافق مع الذوق الإيراني الرفيع من ناحية و تعكس وجهة نظر المجتمع و نوعية تفكيره الغذائي الناجم عن نسيجه المهني و الثقافي من ناحية أخرى.

لكن من هو مبتکر هذا الطعام الذي ذاع صيته واشتهر في جمیع أنحاء العالم؟

لقد كتب المؤرخون و السياح الأروبيون الوافدون إلى إيران في العصر الصفوي مواضيع كثيرة عن أنواع الأرز المطهو و المخللات و أنواع المربّى بيد أنهم لم يتحدثوا عن الجلوكباب قط. لكن سكان طهران، و لا سيما من مرّ منهم بسوق طهران، لا بد وأنهم سمعوا عن مطعم جلوكباب نايب . وبناء على نقل بعض المؤرخين المعاصرين مثل جعفر شهري، المؤرخ و الخبير في شؤون طهران، فقد راج طهو الكباب الإيراني بالأسلوب الآنف ذكره و مع الخبز منذ عهد ناصرالدين شاه القاجار وفي بلاطه، كما شاع تقديمه في زمن رضا خان (رضا شاه البهلوي) بالرز و باسم جلوكباب بين الناس. أما مبدع الجلوكباب فهو شخص يدعى "غلامحسين خان نايب"، و فروع مطعم نايب المتواجدة حاليا في طهران و في مختلف مدن أمريكا و أوروبا هي لأبنائه و أحفاده.

ويفيد تقرير آخر أنه في أكثر الظن و بناء على ما كتبه ميرزا محمد رضا معتمد الممالك في كتابه تاريخ القاجار فقد تم تحضير الكباب حسب أمر ناصرالدين شاه شخصيا وفقا للكباب القفقازي حيث كان ناصرالدين شاها من أصل قفقازي. و بعد ذلك قام طهاة المطبخ الملكي بتغييره حتى تحول إلى شكله الحالي. ويحكي دوست علي خان معيّر الممالك، وهو أحد أحفاد ناصرالدين شاه، أنه كان لناصرالدين شاه 87 زوجة أربعة منهن زوجات رسميات و الباقي زوجات متعة. و في يوم الجمعة كان الملك إذا أراد السفر إلى الري لزيارة قبر السيد عبدالعظيم الحسني كان على خدامه الذهاب إلى المنطقة يوم الخميس لإعداد ألف أو ألفي كباب للشاه و لألف شخص من زوجاته و أصحابه و خدامه. ولابد من تقديم الكباب بالخضروات و البصل


الجلوكباب و السياسة

هناك وثائق تاريخية عن الجلوكباب و تأثيره على السياسة. في عام 1324 حينما ارتفع سعر السكر المستورد من روسيا بسبب نشوب الحرب بين روسيا و اليابان، أحضر علاءالدولة حاكم طهران وقتها، هاشم قندي و إسماعيل خان تاجري السكر و مستورديه قاما برفع سعر السكر و بدأ في المفاوضة معهما لكنهم لم يصلوا إلى أي نتيجة فأمر علاءالدولة أن يجلدوهما بالسياط. وطلب ابن هاشم قندي من علاء الدولة أن يجلده بدلا من والده فرفض علاء الدولة و أمر بجلده أيضا 500 جلدة. وعندما حان موعد الغداء أمر علاءالدولة بإيقاف الجلد و قال للمتهمين الثلاثة: «لكل عمل وقته المناسب و بما أن الجلوكباب جاهز الآن يجب أن نأكل الجلوكباب و بعد الغداء سيستمر الجلد.»

وفي زمن ثورة النظام الدستوري و أثناء إلقاء محاضرة أحد دعاة النظام الدستوري في تبريز يتساءل صاحب مطعم جلوكباب: «ما معنى النظام الدستوري؟» فيجیب المحاضر: «النظام الدستوري يعني الجلوكباب الرخيص»! و يشير بيده إلى طول الكباب و يقول: «سيكون الكباب بهذا الطول»! و يريه ذراعه و يستطرد قائلا «و ضخامته كذراعي هذه.»!

أقدم مطاعم جلوكباب

تأسس أقدم مطعم جلوكباب في طهران قبل 120 سنة. ويروي إعتماد السلطنة في كتاباته أن أول مطعم جلوكباب باسم نايب كان يقع في سوق طهران وكان يتم فيه تقديم الأطعمة على الموائد بشكل مماثل للمطاعم الأوروبية. ومع ذلك تشير وثائق أخرى إلى تأسيس أول مطعم جلوكباب في تبريز بالقرب من حدود القفقاز.
مطعم جلوكباب نايب
كان طهاة مطعم نايب يضعون الرز في الصحون بشكل هرمي و مع قطعة من الزبدة و يأخذ النادل صحون الرز واحدا واحدا إلى الموائد في حين يضع نادل آخر الكباب مع السيخ في الصحون فورا. و يمكن لكل شخص أن يأكل أي عدد من الكباب و المبالغ المستلمة متساوية بالنسبة لكل الزبائن و ليس هناك فرق بين من أكل كبابا واحدا و بين من أكل اربعة أو خمسة كبابات. أقدم مطعم جلوكباب في طهران هو مطعم نايب وحاليا يديره الدكتور حسين يزدان منش حامل شهادة الدكتوراة في فرع علم الإجتماع من فرنسا. ويعتقد الدكتور يزدان منش أن امتلاك مطعم جلوكباب مشهور و جدير بالثقة لا يقلّ أهمية عن حيازة شهادة الدكتوراة في علم الإجتماع.

مطعم جلوكباب شمشيري
كان حاج حسن شمشيري صاحب أشهر مطاعم جلوكباب في طهران باسم مطعم شمشيري والواقع في الجانب الشرقي لسبزه ميدان.[2] وقد تأسس مطعم شمشيري في زمن رضا شاه و من ثم انتقل إلى مبنى ذي أربعة طوابق. الطابق الأول هو المطبخ و الثاني مطعم خاص لاصحاب المحالّ و أصحاب السوق و العزاب و اختص الدور الثالث و الرابع للأسر و الوجهاء. كل الطوابق مزينة بالمرايا و البلور و كان يشرف حاج حسن الشمشيري شخصيا على الطبقتين الثالثة و الرابعة.

كانت رائحة الكباب و الرز الذي يطبخ في مطعم شمشيري تفوح في الفضاء المحيط بالمطعم من الساعة الحادية عشرة صباحا و توسوس للمارة بأكل الجلوكباب. واشتمل جلوكباب الشمشيري على صحن من الأرز مع الزبدة و كبابين اثنين.

كان شمشيري من مساندي الدكتور محمد مصدّق في حركة تأميم صناعة النفط و في عام 1320 بادر بدفع مليون ريال، و كان مبلغا هائلا و ملحوظا آنذاك، لدعم تأميم صناعة النفط. وبعد انقلاب 28 مرداد و إلقاء القبض على مصدّق بواسطة زاهدي، اعتقل شمشيري أيضا و نفي إلى جزيرة الخارك. ويكتب كريم كشاورز رفيق زنزانة شمشيري في ذكرياته الخاصة: «تعهد شمشيري تقديم أفضل جلوكباب برك و كوبيده [3] لرفاقه في السجن و للأسف لم يحالفه الحظ حتى يفي بعهده.»

إن الكثيرين من الكتاب و الروائيين قد ذكروا في مقالاتهم اسم جلوكباب الشمشيري بوصفه أقدم و أشهى كباب في إيران. وفي الوقت الحاضر يطلق بعض أصحاب المطاعم اسم شمشيري على مطعمهم تعبيرا عن جودة جلوكبابه، و يدّعي طباخوها بأنهم كانوا طهاة لدى لشمشيري ولكن الحقيقة هي أن الشمشيري توفي قبل ثلاثين سنة و لا يمكن لطباخه، وكان طاعنا في السن، أن يعمل حتى الآن وربما يكون هوالآخر قد توفي مجهولا.

ومن الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن هناك حمى من جانب المطاعم للإقبال على طهو أنواع من الكباب بأحجام كبيرة. و كان مطعم الجلوكباب «بهلواني» من أول الأماكن التي تم فيها تقديم كباب أكبر من المقاس الإعتيادي و قد نعتبره مؤسس هذا النوع من الكباب. [4]

الجلوكباب خارج إيران

استوطن «جواد فريفته» الطاهي المخصوص لأحمد شاه القاجار في باريس قبل 80 سنه و هو الذي قدم الجلوكباب خارج البلد لأول مرة في مطعمه باسم مطعم جلوكباب فريفته. و كذلك افتتح «أحمد خان» الإيراني المقيم في ألمانيا مطعما في زمن النازية و أسماه هتلر و كان يسمح لمؤيدي هتلر و النازية بالدخول هناك. و ثمة في لوس أنجلس مطعم جلوكباب اسمه نايب و أكثر الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة من زبائنه. هناك مطعم آخر باسم بسودو جلوكباب أو شبه الجلوكباب حينما سئل معنيّ هناك عن سبب هذه التسمية و عن معنى الإسم رد قائلا يتشكل الجلوكباب التي يتم تقديمه هنا من الأرز الإيراني و شريحة لحم البقر. إذن، فلا يجدر بنا أن نسميه جلوكباب[5] و من الأفضل تسميته شريحة لحم البقر بالرز. هذا الطعام يشابه الجلوكباب الحقيقي لكنه ليس هو نفسه مائة بالمائة . [6]

الملحقات:
________________________________
[1]: صحيفة ابتكار رقم 1058 تاريخ 17/8/1386 ه.ش
http://www.ebtekarnews.com/Ebtekar/News.aspx?NID=22947
[2]: «سبزه ميدان» بمعنا الساحة الخضراء هي ساحة معروفة قريبة من سوق طهران ./كيوان
[3]: هناك أنواع مختلفة و متنوعة من الجلوكباب هي: چلوكباب برگ، چلوكباب كوبيده، جوجه كباب، چنجه، شيشليك، لقمه، سلطاني و .../كيوان

[4]: حاليا يقدم مطعم جلوكباب البرز في شارع سهروردي أكبر وأشهرأنواع كباب، و هناك نوع آخر من كباب كوبيده اسمه كباب بناب منسوب إلى مدينة بناب في محافظة الآذربايجان الشرقية يعتبرأكبر أنواع كباب كوبيدة./كيوان

[5]: عادة يطبخ أفضل أنواع الجلوكباب بلحم الخروف لكن توجد نوع من جلوكباب برك بلحم البقر و بسعر أرخص./كيوان
[6]: هناك مطاعم جلوكباب أخرى في الولايات المتحدة. حكى صديق لي عن مطعم قصر كباب في واشنطن و أشاد بجلوكبابه. هنيئا له./كيوان

13 مايو 2008

هدية للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد


هدیه

من از نهایت شب حرف می زنم
من از نهایت تاریکی
و از نهایت شب حرف می زنم

اگر به خانه ی من آمدی برای من ای یار مهربان چراغ بیار
و یک دریچه که از آن
به ازدحام کوچه ی خوشبخت بنگرم.

شعر: فروغ فرخزاد

***

الهدية

أنا أتحدث من أعماق الليل
من أعماق الظلام ...
و من أعماق الليل أتحدث.

إذا أتيت إلى بيتي أيها الحنون فاجلب لي مصباحا ...
و نافذة، عبرها ...
أنظر إلى ازدحام الزقاق السعيد.

الشعر: فروغ فرخزاد
ترجمة: كيوان




***

11 مايو 2008

امرأة تحبّها


قررت ترجمة بعض طرائف المشاهير و الأدباء في هذا القسم و إرسالها تحت عنوان«حتى إشعار آخر»

اللورد بايرون:

«الموت لأجل امرأة تحبّها أسهل من العيش معها.»

10 مايو 2008

الإنسان الحالي بين الحداثة و التقليد

الحداثة والتقليد، الحداثة والسنة، كثيرا ما نسمع عن هاتين الكلمتين وهناك الكثير من مفكري العالم الإسلامي يعالجون العلاقة بينهما و يبدون آرائهم حولها بين المؤيد والمعارض. فما معنى الحداثة والتقليد؟

ربما يصعب العثور على تعريف كامل وواحد للحداثة و قد لا نجد قائمة كاملة تنطوي على مواصفات الحداثة برمتها، لكن يمكننا أن نشير إلى بعض مظاهر الحداثة كالعقلانية والتوجه نحو العلوم التجربية والديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي وحقوق الإنسان وما إلى ذلك.

في التعاليم الإسلامية نلاحظ أربعة تعاريف للسنة: سنن الأولين، سنة الله، سنة الرسول وأهل البيت والأصحاب وأخيرا السنن الإجتماعية الناجمة عن تعامل التعاليم الدينية مع التقاليد الإجتماعية. في الواقع، السنة بمعناها الإسلامي لا تعارض الحداثة ما عدا التعريف الأول الذي يشير إلى المتزمتين الذين يرفضون أي تغيير في آراءهم المتقوقعة. ومن هذا المنطلق ذهب البعض إلى إحياء التقاليد القديمة لمواجهة الحداثة التي يعتبرونها عاصفة تقلع التقاليد والثقافات والهويات، كما يعتقد البعض بإحياء الخلافة الإسلامية التي يرون فيها حلا لمشاكل العالم الحداثي .

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أيهما أفضل، العالم الحداثي أم العالم التقليدي؟ هل الحداثة أتعست الإنسانية أم أسعدتها؟ وهل كان الإنسان التقليدي سعيدا عندما كان يتعرّض للأمراض القاتلة و الفيضانات والهزات الأرضية والمشاكل الكثيرة التي لا تعد و لا تحصى. لنقارن الصورة السابقة بصورة الإنسان الحداثي الذي اقتحم الفضاء و قضى على الأمراض المهلكة و خلق الشبكات المعلوماتية. تسهّل التقنية المعلوماتية الإطلاع على الأخبار بعد ثوان من حدوثها رغم أننا قد نشاهد تفشي الأكاذيب من خلالها والتلاعب بالمعلومات في أحيان أخرى، وبالتالي السيطرة على الراي العام بشكل لا يصدّق. واجهت البشرية في القرن المنصرم الحربين العالميتين و التي لقي خلالها حوالي 50 مليون شخص حتفهم متجاوزة بذلك عدد الضحايا الذين ماتوافي الحروب التقليدية المنصرمة.

إذن لا زالت التساءلات قائمة: أيهما افضل؟

لكل من العالم الحداثي والتقليدي مشكلاته الخاصة به إلى جانب مزاياه الخاصة، ولن تحل العودة إلى الماضي هذه المشكلات. نحن ولدنا في العالم الحداثي ولا بد أن نقوم بحل مشاكلنا في هذا العالم. أمل العودة إلى الماضي مستحيل و عبث لا طائل وراءه .


***

9 مايو 2008

لا كرامة لنبي في وطنه

مأخوذة من كتاب " مدرسة المغفلين" لأبوالمسرح العربي توفيق الحكيم

.كانوا في القرية يطلقون عليه اسم "زنجر". . و لست أدري أكان لهذا الإسم صلة بمنظره؟ لقد كان أسود اللون، قبيح الصورة، مخزوم الأذن. يرتدي معطفا عسكريا، نحاسي الأزرار، من بقايا الحرب العالمية الأولي، قد رث عليه و بلي و ضاعت أزراره إلا واحدا ربطه بخيط من تيل، و هو يحمل في يده هراوة كانت فرعا من شجرة السنط التي تظل "الكباس" القبلي . . يرفعها و يجري بها وراء الساخرين به و الضاحكين منه . . و ما أكثرهم! ما من أحد كان يأخذه على سبيل الجد . . و ما كان هو يحفل بآراء الناس فيه . . كان يكفيه دائما رأيه هو في نفسه .. كان له إخوة يصغرونه سنا تزوجوا و استقروا و أنتجوا ذرية تسعى معهم إلى الغيطان و تعود منها بعد الغروب ممسكة بزمام البهائم المحملة بعليقها من الحشائش و أعواد الذرة. . أما هو فكانت فكرة الزواج تثير بالنسبة إليه ضحك القرية و هذرها و عبثها . . من هي تلك التي ترضى أن تتزوج بزنجر؟
و كان هذا السؤال الذي اعتدت أن ألقيه عليه، منذ أعوام طويلة، كلما ذهبت إلى الريف:
- هل تزوجت يا زنجر؟!
- أبدا.
كان يقولها في شيء من المرارة و الثورة. . فكنت ألاحقه:
- و ماالسبب؟
- ما فيش فلوس!
هذا كان تعليله الوحيد . . و رأيت أخيرا أن أبطل هذه الحجة، فعرضت عليه أن أقوم عنه بكل نفقات عرسه من مهر و فرح و ثياب إلخ . . لو ظفر هو بالعروس. فسرّ لذلك و حمد و شكر، و لكن الأيام مرت و لا نتيجة لهذا و لا أثر . . و لم أعلم ما حدث. و لكني صرت بعد ذلك كلما مشيت بين الحقول و إلى جانبي "زنجر" أتأمل من أجله كل فلاحة تميس بقدها تحت ثقل الجرة، كما بميس العود تحت ثقل السنبلة . . فأسائلها:
- يا بنت . . أتتزوجين الولد "زنجر"؟
فلا أسمع إلا دقة على صدرها و صيحة:
- يا خيبتي!
و تشتد في السير مجفلة هاربة حتى تختفي . . و إذا زنجر بجواري يشيعها و هو مجروح ساخط مغتاظ:
- داهية لا ترجعك . . و أنا كنت أرضى؟
ثم يأخذ في إقناعي بأن كل هؤلاء الفتيات دون ما يستحق، و دون ما يريد و يأخذ بعد ذلك في حمد الله إذ ضرب على أبصارهن، فهذا الرفض منهن نعمة! و لكني لا أقتنع، و أظل أطرح السؤال على طوائف مختلفة من بنات القرية . . و أهبط في سلم الجمال درجات، و أطأطئ الرأس نيابة عنه و أقبل تضحيات، حتى وصلنا إلى درك لا نزول بعده . . فكل مشوهات القرية، من الخنفاء و العرجاء و الحدباء عرضت أمره عليهن . . فما سمعت قط غير تلك الصيحة المنكرة من الأفواه و ذلك الدق المستنكر على الصدر . . و تلك العبارة الواحدة من كل الشفاة:
- ضاقت علينا الدنيا . . ما بقي غير "زنجر"؟

***

و صدقت و آمنت أخيرا بصعوبة زواجه . . فهذا الرجل تنشأ في القرية أضحوكة، و شبت فتيات القرية لا يبصرن منه و لا يعرفن عنه إلا أنه رمز السخرية، و مناط العبث، و مثار الهذر . . لقد كان في مجرد تقدمه إلى أسرة من القرية سوء أدب منه في نظرها، و تعد منه على كرامتها، و خدش لسمعتها . . إذ استقل شأنها فخصها دون أهل البلد بهذه المهانة و قلة التقدير . . هكذا كانت الأسرة تدفعه عنها كما تدفع الفضيحة . . و بلغ الحال من السوء أن أصبح "زنجر" شخصية تغيظ بها البنت المذنبة إذا أرادت تأديبا . . و لم يشذ عن استخدام هذه "الأداة" التأديبية أحد حتى أنا . . فقد انتهى بي الأمر أن آمنت بما يؤمن به الجميع في القرية . . و صرت إذا أردت أن أشتم بنتنا مهملة من بنات الخدمة في البيت أو حقل أكتفي بقولي:

- والله يا بنت لأزوجك بزنجر!

فتطفر دموع الخوف و الضراعة من عينيها في الحال . . و أدرك أني قد رفعت عليها بهذه الجملة سوطا يقيم عوجها و يصلح فاسدها.

كل هذا و "زنجر" في ملكوت من نفسه، و عالم من رأيه و حصن من "حالة معنوية" عجيبة . . مرتفع فوق لجج الإستهزاء العام، لا تعصف برأسه أنواء، و لا يصل إلى عينيه رذاذ و لا ماء . . لطالما سألت نفسي في أمره: أهو جمود؟ أهي بلادة شعور؟ أم هي صلابة شخصية و قوة الإيمان؟!

- و من التي ترضى أن تتخذها زوجة لك من بين بنات القرية؟

فقال بلا تردد:

- البنت "سلطانة"

يا للعجب! "سلطانة" هذه هي أجمل بنات القرية طرا. هي الزرقاء العينين العسجدية الشعر . . التي يخشى التقدم إليها أجمل فتيان القرية و أقواهم . . هي التي يتنافس فيها المتنافسون، و يتزاحم المتزاحمون، من بين من فرزت مؤهلاته و برزت صفاته . . فما تمالكت أن صحت به:

- طيب اسكت . . اسكت . .

مرت الأيام . . و عدت مرة أخرى إلى الريف بعد غيبة عنه طويلة فراعني ما أجد، و أذهلني ما أرى . .

زنجر قد تزوج . .

تزوج بمن؟

بفتاة أجمل من سلطانة!

و علم زنجر بحضوري، فجاءني و كأنه يقول: "هذه المرة تستطيع أن تسألني السؤال المعهود". و لكني كنت علمت الجواب من قبل . . فاكتفيت بأن أقرأ على وجهه سطور انتصاره . . بل لقد قرأت ذلك على وجوه أهل القرية أجمعين . . لم يعد "زنجر" في نظرهم ذلك "الأضحوكة" . . إن الإسم لم يزل حقا لاصقا به. و لكن قد غسل عنه كل معاني الهزء و السخرية . .

كيف حدثت المعجزة؟ لم يخبرني هو . . و لكن الذي قص عليّ شيخ وقور من شيوخ القرية، قال:

حدث منذ ثلاثة أشهر أن حضرت إلى القرية "ترحيلة" "لنقاوة" الدودة من زراعتة القطن و كان يعمل فيها بنات كثيرات من قرى بعيدة . . فيهن جميلات و فيهن رشيقات . . و كان زنجر هو "الخولي" عليهن . . فإذا هو يلمح من بينهن فتاة هي أسطعهن جمالا، و أوفرهن سحرا، و أكثرهن فتنة . . بل هي حسن لم نر له مثيلا في قريتنا . . فلزمها في العمل، و تودد إليها . . و خفف عنها . . و كان لا يأمرها إلا بمعروف، و لا يعاملها إلا برفق، و لا يحادثها إلا بلطف . . و تفتحت نفسه لها بيضاء جميلة كما تتفتح زهرة القطن . . كانت الفتاة طيبة القلب، فأبصرته "بعين" قلبها و لم تبصره بعين اذنها . . رأت فيه "الإنسان" و لم تر فيه "الأضحوكة" . . فهي من قرية بعيدة لا تعلم عنه شيئا . . فلم يقم بينه و بينها سد قديم من تلك الشخصية المبنية بلبنات الضحكات، في بلده، على مدى الأعوام . . لقد بادلته لطفا بلطف، و عندما قال لها مازحا ذات يوم "تتزوجيني؟" لم يرعه إلا قولها: "نعم" . . فقال لها:

- صحيح؟

فقالت:

- صحيح.

- تحلفي على المصحف؟

- أحلف

و أقسمت أنها جادة . . و أنها لا تطمع في زوج خير منه، فطار زنجر فرحا إلى أهله يزف إليهم الخبر . . و لم يصدق أهله هذا الكلام ألا بعد أن سمعوا قبول الفتاة بآذانهم . . فارتفعت "الزغاريد" في القرية . .و دفع زنجر المهر إلى العروس، فأبوها قد توفي و تزوجت أمها بغيره . . و جاءها بحلق و "غوايش" فضة و خلخال و مرتبة و لحاف و مسندين و مخدتين و حلة و طشت و فناجين قهوة و براد شاي و صينية و أربع ملاعق و أربعة أطباق . . إلخ إلخ . . ثم أعدت العدة ليوم الفرح فأحضروا الجمل و طفق زنجر مع إخوته بزينونه بسعف النخيل و البوص و الجريد و الشال الأحمر . . و أتموا صنع الهودج الذي سيحضرون فيه العروس الفاتنة من بلدها . . كل ذلك بين غناء أهل زنجر و غبطتهم بفوز هذا المظلوم . . و بين نظرات الدهشة و الحسرة و الندم من بنات القرية اللاتي سخرن من زنجر، فأظفره الله بمن لا يصلن إلى كعبها ملاحة و طهارة و دماثة.

أصغيت إلى كل هذا . . و علمت سر "المعجزة" . . لقد جاءه الخير و التقدير ورد الإعتبار من قرية أخرى بعيدة . . هكذا أنصفه الله . . بالطريقة التي أنصف بها من رضي عنهم من الرسل و الأنبياء .

***

مأخوذة من كتاب مدرسة المغفلين لتوفيق الحكيم

5 مايو 2008

الفرق بين التحضر و التقدم


لا شك أن الحضارات الشرقية القديمة تملك مواريث تاريخية ثقافية و حضارية متميزة و ذات تأثيرات واضحة و عميقة على الحضارات الأخرى. هناك سؤال يطرح نفسه : ما هو مدى مساعدة هذا التراث الحضاري على التقدم اليوم؟ و ما العلاقة بين حضارة بلد ما و تقدمه؟

إذا نلقي نظرة عابرة على البلدان ذات حضارة عريقة فنعرف أن هناك فرق واسع بين التقدم و التحضر. حاليا لا أحد يدعي أن مصر و ايران من البلاد المتقدمة رغم امتلاكهما حضارة عريقة و متألقة. و كذلك الحال بالنسبة إلى حضارات الأمريكا الجنوبية و إنها أسوأ حالا من مصر و ايران. الصين تسعى وراء استعادة سيادتها و تقدمها .

يبدو أن حضارتنا القديمة تفتقر إلى شيء من التحديث للتأقلم مع الظروف الراهنة. نحن اليوم بحاجة إلى آليات علمية ثقافية و حضارية حديثة للدخول إلى رحاب التقدم. قد لا يساعدنا هذا الميراث الحضاري الذي قد أصابه شيء من الجمود و السكون.

التحضر-ولا أعنيه التمدن بمعنا السكون في المدن فحسب-قضية معقدة ذات جوانب متعددة ثقافية وعلمية واجتماعية والسياسية وإنه نتيجة السعي وراء التقدم وفي الوقت نفسه مولّد التقدم ومنشئه .

الإنطلاقة الأولى

أخيرا اليوم و بعد تردد قمت بإنشاء مدونتي هذه.
- لماذا؟
لأني كنت أفكر في نفسي دائما " لا تقم بإنشاءها إلا بعد ما أحرزت تقدما كبيرا في اللغة العربية"
آه ... بالمناسبة نسيت أن أذكر ... أنا إيراني ... و لغتي الأم هي الفارسية.
طيب... ماذا كنت أقول؟ ....آها ... إنشاء المدونة ...
قلت لنفسي "ربما يستغرق الأمر سنوات كثيرة . ألا تعتقد أن رحلتك رحلة طويلة ؟"
و مؤخرا و بعد ثلاث سنوات لتعلم المحادثة العربية وصلت إلى هذه النتيجة ... وصلت شخصيا و بمفردي ! ... و ذلك بعد حادث طرأ لي اليوم ... ربما حكيت لك قصته يوما ما ... ربما!
- قد تتساءل: " ألا تعتقد أن وصولك إلى النتيجة قد استغرق طويلا بعض الشيء؟"
نعم ... يعني إذا أفكر الآن في الموضوع أرى أن معك حق .... إلى حد ما فقط ... لكن أتذكّر أنني رأيت لوحة في سيارة أجرة مكتوبا عليها " الوصول المتأخر أفضل من عدم الوصول"!
المهم هو أنني وصلت... نعم وصلت ... أين وصلت؟ ...وصلت ... نزّلني يا سيد ... وصلت ... نزّلني ...
آه عفوا ... التبس علي الأمر
حسنا عليّ أن أذهب الآن. أراك غدا بإذن الله
على فكرة ... قبل الذهاب ...
قررت وضع بعض التعابير و الرسائل و المواد التي أكتبها لصفوف اللغة العربية إضافة إلى بعض أشياء أخرى في هذه المدونة ... توافق ؟؟؟
إذن نبدأ بسم الله
و هذه هي الإنطلاقة الأولى.