10 مايو 2008

الإنسان الحالي بين الحداثة و التقليد

الحداثة والتقليد، الحداثة والسنة، كثيرا ما نسمع عن هاتين الكلمتين وهناك الكثير من مفكري العالم الإسلامي يعالجون العلاقة بينهما و يبدون آرائهم حولها بين المؤيد والمعارض. فما معنى الحداثة والتقليد؟

ربما يصعب العثور على تعريف كامل وواحد للحداثة و قد لا نجد قائمة كاملة تنطوي على مواصفات الحداثة برمتها، لكن يمكننا أن نشير إلى بعض مظاهر الحداثة كالعقلانية والتوجه نحو العلوم التجربية والديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي وحقوق الإنسان وما إلى ذلك.

في التعاليم الإسلامية نلاحظ أربعة تعاريف للسنة: سنن الأولين، سنة الله، سنة الرسول وأهل البيت والأصحاب وأخيرا السنن الإجتماعية الناجمة عن تعامل التعاليم الدينية مع التقاليد الإجتماعية. في الواقع، السنة بمعناها الإسلامي لا تعارض الحداثة ما عدا التعريف الأول الذي يشير إلى المتزمتين الذين يرفضون أي تغيير في آراءهم المتقوقعة. ومن هذا المنطلق ذهب البعض إلى إحياء التقاليد القديمة لمواجهة الحداثة التي يعتبرونها عاصفة تقلع التقاليد والثقافات والهويات، كما يعتقد البعض بإحياء الخلافة الإسلامية التي يرون فيها حلا لمشاكل العالم الحداثي .

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أيهما أفضل، العالم الحداثي أم العالم التقليدي؟ هل الحداثة أتعست الإنسانية أم أسعدتها؟ وهل كان الإنسان التقليدي سعيدا عندما كان يتعرّض للأمراض القاتلة و الفيضانات والهزات الأرضية والمشاكل الكثيرة التي لا تعد و لا تحصى. لنقارن الصورة السابقة بصورة الإنسان الحداثي الذي اقتحم الفضاء و قضى على الأمراض المهلكة و خلق الشبكات المعلوماتية. تسهّل التقنية المعلوماتية الإطلاع على الأخبار بعد ثوان من حدوثها رغم أننا قد نشاهد تفشي الأكاذيب من خلالها والتلاعب بالمعلومات في أحيان أخرى، وبالتالي السيطرة على الراي العام بشكل لا يصدّق. واجهت البشرية في القرن المنصرم الحربين العالميتين و التي لقي خلالها حوالي 50 مليون شخص حتفهم متجاوزة بذلك عدد الضحايا الذين ماتوافي الحروب التقليدية المنصرمة.

إذن لا زالت التساءلات قائمة: أيهما افضل؟

لكل من العالم الحداثي والتقليدي مشكلاته الخاصة به إلى جانب مزاياه الخاصة، ولن تحل العودة إلى الماضي هذه المشكلات. نحن ولدنا في العالم الحداثي ولا بد أن نقوم بحل مشاكلنا في هذا العالم. أمل العودة إلى الماضي مستحيل و عبث لا طائل وراءه .


***

ليست هناك تعليقات: